مجدي مهنا في ذمة الله

الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل.. يكتب عن «مجدي مهنا»: فقدنا مقاتلاً باسلاً من كتيبة جيل الصحفيين الجدد

١١/٢/٢٠٠٨

عزيزي الأستاذ مجدي الجلاد

لا أعرف لمن أقدم عزائي في الصديق والزميل الأستاذ مجدي مهنا: لأسرته الإنسانية - أو لأسرته العملية - أو لأسرته المهنية - أو لأسرته الأوسع، وهي جميع قرائه ومشاهديه.

لقد كان اهتمامي به شديدًا، ورجائي فيه واسعًا، إذ كنت أراه - ومعه عدد من رفاق جيله «بشارة» بعودة الأمل للصحافة المصرية، بعد سنوات تبدي فيها، لي ولغيري، خطر بقاء الأرض خلاء موحشًا نتيجة فجوة أجيال،

فهناك داخل البيت الصحفي حفنة رجال شجعان من أجيال سبقت، تحمي خط الدفاع الأخير، لكن الأفق الواسع لم تكن عليه مقدمات ظهور طالع، وكان الخوف الماثل أن ينزل التصحر ومعه العقم علي ساحة ظلت طول عمرها خضراء بالخصب، يانعة بنبت الربيع.

إن «مجدي» وسط صحبة محدودة العدد من جيله بدوا لي من بعيد ظاهرة همة ترفع قامتها، وتلفت النظر، وتستدعي المتابعة.

ولقد كان «مجدي» يعرف حرصي عليه، كما كان يعرف أن ذلك الحرص يتسع لجيله معه - رجاء ودعاء من زمان آخر وصلت رحلته الآن إلي آخر النهار.

قد أقول لك إنني لمحت النهاية الحزينة لـ«مجدي» منذ شهور، ثم تسرب الأمل مني بعد آخر اتصال تليفوني معه قبل أسبوعين، فقد جاءني صوته لأول مرة يحمل نبرة يأس، وشعرت بأن الداء غلب الدواء، وأن ثقل المرض ضغط علي حلم الشفاء.

من سوء الحظ أن المقادير لم تمنح «مجدي» فرصته كاملة، لكن عزيمته، وكفاءته، وشجاعته، أظهرت طاقة قادرة، برغم مهلة قصيرة أتيحت له، كي يكشف عما لديه، ويبرهن عليه.

لقد فقدنا باسلاً من كتيبة هذا الجيل من الصحفيين الجدد، لكني أظن أن رحيل هذا المقاتل الباسل سوف يكون حافزًا لتلك الكتيبة علي أن تواصل تقدمها، وتعزز مواقعها - ولعلي أضيف أن ذلك هو أمل كل الذين أحبوا «مجدي»، وودعوه بأسي القلوب قبل دمع العيون.

محمد حسنين هيكل