محمد صبحى: أصبح الفنان الناجح هو من يقول «أمريكا أم عظيمة

محمد صبحى: أصبح الفنان الناجح هو من يقول «أمريكا أم عظيمة وإسرائيل جارة كريمة»

حوار حمدى دبش ٥/ ٣/ ٢٠٠٩

داخل استديوهات مدينة سنبل، بدأ محمد صبحى تصوير الجزء السادس من مسلسل "عائلة ونيس" الذى تدور أحداثه بعد مرور ١٠ سنوات من نهاية أحداث الجزء الخامس، وبعد وفاة سعاد نصر بثلاث سنوات،

ويجسد صبحى فيه دور الجد وعلاقته بأحفاده. المسلسل من تأليف وإخراج محمد صبحى الذى تحدث أيضا عن حال المسرح المصرى و قال: "الحل تقديم عروض الفصل الواحد للخروج من الأزمة".

* ما سبب تقديم جزء سادس من المسلسل بعد ١٠ سنوات من تقديم الجزء الخامس؟

ـ الهدف من تقديم الجزء السادس تحت عنوان "عائلة ونيس وأحفاده" هو تكريم الفنانة الراحلة سعاد نصر و زوزو نبيل وأحمد بدر الدين مخرج الأجزاء السابقة، وستتم الإشارة إلى ذلك فى تتر المقدمة، عرفانا بجميلهم ودورهم فى نجاح المسلسل، كما أن المسلسل يناقش التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التى عشناها طوال الـ ١٠ سنوات الماضية ومدى تأثيرها على تفكير أطفالنا فكان يجب علينا أن نتناول ذلك فى عمل درامى.

* هل معنى ذلك أن المسلسل يعالج مشاكل الأطفال فقط؟

ـ بالطبع لا إنما سيتناول كل المشاكل اليومية التى تعيشها الأسرة المصرية من خلال عائلة ونيس ،وسنتعرف من خلال هذا الجزء على "هل تربية ونيس لأبنائه وغرس القيم فيهم نجحت أم لا؟".

* كيف ذلك؟

ـ شخصية "ونيس" هى عبارة عن ٨٠ % من سيرتى الذاتية فأنا ربيت أبنائى على نفس الطريقة التى يتعامل بها ونيس مع أبنائه، ففكرة الجزء السادس جاءتنى عندما قال لى أحد أبنائى: "أنت ربيتنا خطأ.. قلت لنا ما تكدبوش واكتشفنا أن المجتمع المصرى كله كذاب.. علمتنا عدم النفاق فوجدنا أن الكل ينافق" فبدأوا يبعدون أولادهم اللى هما أحفادى عنى حتى لا أربيهم بالطريقة نفسها، والأمر نفسه سيحدث فى المسلسل، فيكتشف الجد الكارثة وهى أنه يجد نفسه يقدم تنازلات فى تربية أحفاده، وأن كل جيل له أخلاقيات فيكتشف أن الأسوأ لم يأت بعد.

* لماذا لم تأت بممثلة بدلاً من سعاد نصر؟

ـ لا توجد ممثلة يمكن أن تقدم الدور الذى قدمته الراحلة سعاد فتعاملنا مع غيابها بأن أحداث المسلسل تبدأ بعد وفاتها بثلاث سنوات، واستعنا بالممثلة وفاء صادق لتقدم دور أخت مايسة التى كانت مقيمة طوال الأجزاء الماضية فى أمريكا وترجع إلى مصر بصحبة أبنائها وتدخل فى خلافات مع ونيس حول كيفية تربية الأبناء وهو الصراع بين الغرب والشرق.

* ألم تر أن تقديم الجزء السادس من المسلسل قد يصيب المشاهد بالملل؟

ـ "عائلة ونيس" تختلف تماما عن مسلسلات الأجزاء التى تقدمها الدراما فهو استثناء لأن كل جزء منه يحقق نجاحا أكثر من السابق نظراً لما يتضمنه من قضايا جديدة ومختلفة فعندما قدمنا الجزء الأول لم يكن فى الحسبان أن نقدم جزءًا آخر، الأمر نفسه تكرر فى الأجزاء الباقية، فكل جزء نتعامل معه على أنه الأخير فنكتشف موضوعًا جديدا فنقدم جزءًا آخر وهكذا حتى وجدنا أنفسنا أمام الجزء السادس.

* ولكن الجمهور توقع منك أن تقدم عملًا سياسيًا يناقش المشاكل التى تعيشها المنطقة العربية بعد حرب غزة؟

- لا يستطيع أحد فى الوقت الحالى أن يتجرأ و يقدم عملا فنيا يمس الكيان الصهيونى أو الامريكى بسوء، ولى تجربة لن أنساها بتقديم مسلسل "فارس بلا جواد" الذى ناقش نشأة الكيان الصهيونى وتنبأ بالحرب على العراق وبعدها بثلاثة أشهر حدثت بالفعل،

فتعرضت لحروب من الداخل والخارج كما أننى تعرضت لهجمات شرسة من بعض النقاد المصريين الذين أعتبرهم أكثر بشاعة من العدو الصهيونى، فمن الصعب تكرار تلك التجربة فى هذا التوقيت الذى أعتبره من أشد فترات الجبن التى نعيش فيها، و اكتشفت أن اللى عايز يبقى محبوب يجب أن يتحدث عن أمريكا على أنها الأم العظيمة، وإسرائيل على أنها الجارة الكريمة لذلك التزمت الصمت.

* معنى كلامك أنك ستبتعد عن الأعمال السياسية فى أعمالك المقبلة؟

ـ لن تخلو أعمالى من السياسة، و "عائلة ونيس" طوال الأجزاء الخمسة الماضية يتناول موضوعات سياسية وكذلك الجزء السادس فيكفى أننا نشرح لأبنائنا يعنى ايه ديمقراطية، وأتحدى أن يكون هناك عمل فنى غرس الانتماء فى الأبناء مثل "عائلة ونيس"، فللأسف أطفالنا بعيدون تماما عن الواقع الذى نعيش فيه، فعندما كنت أكوّن فريق عمل المسلسل استعنت بمجموعة من الأطفال التى تقدم أدوار أحفادى،

سألت أحدهم وكان يبلغ من العمر ١٠ سنوات: من هو وزير التعليم العالى أو أى وزير فى الحكومة فلم يرد، وكل الأطفال صمتوا جميعا، فحزنت على المستوى الذى وصل إليه أطفالنا وكل ذلك سببه الأب والأم الذين يربون أولادهم بسياسة التخويف: "ماتتكلموش فى السياسة" والنتيجة سيخرج أجيال اشد جبنا من الجيل الحالى.

* تأليفك وإخراجك وتمثيلك الجزء السادس أثار انتقاد الكثير قبل أن يبدأ تصوير المسلسل، فما ردك؟

ـ أنا لا أعرف الناس متضايقة ليه وعاملة من الموضوع ده مشكلة على الفاضى، "سلفستر ستالونى" لم يتعرض لانتقاد مع أنه يكتب ويخرج وينتج ويضع الموسيقى التصويرية "فانا مش عارف ليه عندى مشكلة" فعلى النقاد أن يشاهدوا ما أقدمه بعدها ينتقدون بموضوعية.

أعرف أننى لست مؤلفا بالفعل ولكن مهنتى الأساسية التمثيل والإخراج وأفهم فى الديكورات والملابس والموسيقى التصويرية وأنا ألجأ إلى الكتابة لأن لدى أفكارا لا يستطيع أحد تنفيذها غيرى كما أننى درست الدراما وأعرف جيداً قواعد كتابة السيناريو.

* هل بالفعل هناك خلافات نشأت بينك وبين نقابة السينمائيين بسبب إخراجك الجزء السادس؟

ـ بالفعل النقابة طلبت منى ٧٥ ألف جنيه كرسوم بعد أن توليت مهمة إخراج المسلسل على أساس أننى حصلت على مليون جنيه أجرا كمخرج، وهذا غير صحيح لأننى لم أتقاض إلا أجرا رمزيا مقابل إخراج العمل فأنا أقدم الإخراج فى أعمالى فقط، فحق النقابة فقط أن تحصل على ٢% من قيمة الأجر فى التعاقد، وأنا ليس لدى أى مشكلة فى دفعه مع أنها لم تطالب مخرجى السينما بشىء عندما أخرجوا العديد من العروض المسرحية،

كما أن هناك اتحادا عاما للنقابات لا يمنع الفنان من ممارسة الإخراج طالما يستطيع أن يقدمه بشكل جيد. فمن العيب ما تفعله نقابة السينمائيين "مش ناقصين عقبات" فنحن نعيش فى فجوة بين الكبار والصغار ولأول مرة فى تاريخنا الفنى نتعرض لتلك الأزمة.

* هناك اتهامات توجه ضدك بأن المشاهد والجمل الحوارية فى مسلسلاتك مباشرة؟

ـ أنا لا أجد مشكلة فى ذلك لأن أعمالى تناقش قضايا فى غاية الأهمية وبالتالى لا نستطيع أن نتناولها بطريق غير مباشر حتى يتمكن الجمهور من فهمها لأنه أصبح كسولا فى استقبال المعلومات وليس معنى ذلك أننا نبسط ما نقدمه لدرجة تصل إلى الاستهتار بعقلية المشاهد.

* قدمت من إنتاج التليفزيون خمسة أجزاء من "عائلة ونيس" فما سبب انفصالك عنه فى الجزء السادس؟

ـ أنا قررت عدم التعامل مع التليفزيون المصرى مرة أخرى فأنا شخص مكروه من قيادات ماسبيرو لأننى أحترم نفسى وجمهورى ولا أقبل دخول الإعلانات أثناء عرض مسلسلى مما جعلهم يعرضونها فى وقت متأخر من الليل والعمل "الهلس" يقدم فى المواعيد الجيدة، كما أنهم يتعمدون ذلك معى لأن أعمالى تقدم موضوعات مهمة وتترك تأثيرا ملموسا فى قلوب الجمهور.

* كيف ترى المنافسة بين المسلسلات الدرامية فى رمضان المقبل؟

ـ أدعو الله ألا يعرض مسلسلى فى رمضان فلو كان بيدى لوضعت شرطا مع الشركة المنتجة فى العقد بعدم عرضه فى هذا الشهر بعدما أصبح شهر مبارزة ومعارك بين المنتجين، فالتجربة أثبتت أن المسلسلات التى تعرض خارج رمضان تحظى بأعلى نسبة مشاهدة،

وقد كذب من قال أن رمضان يشهد أعلى نسبة مشاهدة كما أن هناك نقادا يشنون هجوما حادا على المسلسلات بعد ثالث حلقه، فهناك كوارث تحدث فى رمضان بالتأكيد لأننا شعب مستهلك حتى فى عرض الأعمال الفنية.

* ما رأيك فى ارتفاع الأجور فى الدراما رغم الأزمة المالية العالمية؟

ـ أنا لم أرفع أجرى منذ "فارس بلا جواد" وعندما سمعت عن ممثلات يحصلن على ٦ ملايين جنيه، شعرت أننى ولا حاجة، وبدأت أفكر فى الأزمة المالية القادمة التى ستؤثر على عدد المسلسلات الكبير الذى ينتج سنويا مثلما أثرت على المسرح وقضت عليه، ومن حق الفنانين أن يحصلوا على حقوقهم ولكن يجب أن يراعوا أننا مقبلون على أزمة حقيقية ستؤثر على مستقبلنا.

* كل عام تقرر العودة إلى المسرح ثم تتراجع، ما السبب؟

ـ لأن المسرح مات، فهناك فرق بين واحد مغمى عليه فى الشارع وتبحث له عن طبيب وعلاج وآخر مات ومع ذلك نبحث له عن علاج، فالمسرح مات فعلا وأى شخص يقدم مسرحا محترما سواء بنجوم أو شباب سيخسر ولو قدم مسرحا تافه هيكسب.

* وما الحل للخروج من هذه الأزمة؟

ـ الحل الوحيد قلته لأشرف زكى وتمنيت أن يقدمه وهو أن يقدم عروض الفصل الواحد، كل نجم يقدم فصلا فى المسرحية الواحدة، مثلا أنا أقدم أحد فصولها وحسين فهمى يقدم الثانى ومحمود ياسين يقدم الثالث ويكون ذلك بدون مقابل لأن دورنا هو إعادة إحياء المسرح وإعادة الجمهور الذى كان يدخل المسرح

استوقفتني العبارة ذات اللون الأحمر أعلاه؛ فأنا شخصيا أشعر بها في بعض الأوقات؛ ولكن هل سأستطيع أن أربي ابنتي بأسلوب آخر غير الذي تعلمته حتى تستطيع الحياة في دنيانا القاسية؟

لا أعرف إن كان أحد سيشاركني الرأي أم لا ولكن أظن أن إجابة هذا السؤال بالنسبة لي ستكون النفي.