أنابيب البوتاجاز بعد الحديد والعيش
صفحة 1 من اصل 1
أنابيب البوتاجاز بعد الحديد والعيش
الأول كانت طوابيير العيش والناس بتموت بعض على العيش وبعدين استسلموا لمستوى الرغيف الردئ وصغر حجمه في سبيل توفر وجوده ولو على أقل ما يمكن، ثم بدأت طوابير الحديد وأخذ الناس يتقاتلون على الحديد فهو غالي الثمن وغير متوفر ثم بدأت الأزمة في الانفراج خاصة الآن بعد دخول المستورد إلى مصر وتخفيض المحلي في مواجهته.
وأخيرا بدأت أزمة أنابيب البوتاجاز وبدأ الناس يتقاتلون أيضا للحصول عليها مما رفع سعر الأنبوبة بشدة حتى وصل إلى 25 جنيه ولم تحل أزمة الأنابيب حتى الآن فما آخر فصول قصة الأنابيب؟
يحكي لنا القصة مجدي الجلاد:
وأخيرا بدأت أزمة أنابيب البوتاجاز وبدأ الناس يتقاتلون أيضا للحصول عليها مما رفع سعر الأنبوبة بشدة حتى وصل إلى 25 جنيه ولم تحل أزمة الأنابيب حتى الآن فما آخر فصول قصة الأنابيب؟
يحكي لنا القصة مجدي الجلاد:
الطلاق على «أنبوبة بوتاجاز»!
بقلم مجدى الجلاد 27/ 1/ 2009
جاءت لى باعتبارى مسؤولاً فى الدولة.. هى تؤكد ذلك بإيمان قاطع «انته بتكتب فى الجورنان وبتطلع فى التليفزيون مع الست منى الشاذلى، وبيقولوا فى البلد إنك بتقابل الريس مبارك ورئيس الحكومة نظيف، دول حتى بيأكدوا إنهم بيسمعوا كلامك وبيعملوا لك ألف حساب.. يبقى إزاى هتسبنى أضيع وجوزى يطلقنى».
لم أفهم فى البداية علاقتى أنا والرئيس مبارك ود. نظيف بطلاق هذه السيدة البسيطة التى تجرجر خلفها 3 عيال.. ولكن يمكنكم أن تفهموا هذا القدر الهائل من «العشم» والثقة فى رجل أبسط من هذه السيدة، لا يعدو دوره كتابة ما لا يقرؤه المسؤولون، أو هكذا يبدو الأمر.. فالسيدة الثلاثينية جاءتنى فى قطار «الدرجة الثالثة» من مسقط رأسى «منيا القمح - الشرقية - بعد بنها يمين بـ 18 كيلو متر».. هى لا ترى فى الدولة سواى.. ابن بلدهم الذى يتناول الإفطار مع الرئيس، و«يتغدى» مع نظيف طبقين «كشرى» .. ويلعب دورين طاولة «على سجاير» مع أعضاء لجنة السياسات فى الحزب الوطنى مساءً!.
بصراحة.. أعجبنى هذا التصور وتلك الفكرة.. اعتدلت فى جلستى وسحبت نفساً عميقاً، ووضعت «رجل على رجل»، وأرسلت نظرة تأمل نحو سقف المكتب، وتنهّدت بعمق، وقلت لها «والله يا مدام أنا مش عارف الواحد يعمل إيه ولا إيه.. المسؤوليات بتزيد والمشاكل فى كل مكان.. بس هنعمل إيه.. هيه دى ضريبة المسؤولية».
بكت السيدة بحرارة وهى تضم أطفالها تحت جناحيها.. لم أتحمل دموعها، فعدت إلى حجمى الطبيعى، وظننت أن فى الأمر كارثة تستوجب التعامل بجدية أكثر.. فى البدء بدا كلامها هزلياً وأبسط مما أتصور.. ولكن للحكاية أبعاد تكشفت لى خطورتها فيما بعد.. قالت بصوت متهدج «زوجى طردنى من البيت وقال لى اذهبى إلى أبوكى.. أنا متجوز علشان أعيش حياة مستقرة.. أرجع من شغلى الأول والتانى والتالت الساعة 11 ليلاً علشان ألاقى لقمة كويسة، مش ألاقى كام رغيف وحتة جبنة وخيارة.. انتى زوجة فاشلة.. والعيش والجبنة والخيار موجود فى كل المطاعم.. يبقى لزمتك إيه»؟!
قلت لها «اطبخى يا جارية كلف يا سيدى».. فردت «ليست هذه هى المشكلة».. فرغم ضيق الحال، فهى مستورة، ولكن منذ 25 يوماً، بالتمام والكمال، لم أضع حلة واحدة على البوتاجاز، والسبب أن أنبوبة البوتاجاز باتت من المستحيلات، وصل ثمنها 25 جنيه، ومع ذلك لا أجدها.. زوجى مطحون فى شغله نهاراً، وأنا أجوب المستودعات والشوارع بحثاً عن أنبوبة، وفى مرة وقفت فى الزحام الشديد بعد أن أقسمت ألا أغادر الطوابير إلا بأنبوبة مليانة..
يومها اتعمل فىّ أشياء سافلة وحسيت إنى أرخص من الأنبوبة الفاضية، وقبل أن أصل إلى «الأنبوبة المليانة» كانت الدنيا قد دارت بى، وسقطت فى إغماءة تشبه الموت، وحين أفقت وجدت نفسى على كرسى أمام محل عصير و«صدرى مفتوح» لزوم الإفاقة، لحظتها أحسست أننى تعرضت لهتك عرض من أجل «حلة رز لزوجى وأبنائى».. فلزمت بيتى، وأخفيت عن زوجى ما حدث، وأغلقت على «الحلل» ضلفة النملية.
زوجى معذور.. فهو يعمل 18 ساعة يومياً، ويعود على لحم بطنه.. وآخر حاجة تصورت أن تحيل حياتى إلى جحيم هى «أنبوبة البوتاجاز».. رغيف العيش أصبح بالبطاقة ولا يرقى لأكل الحيوانات، ومع ذلك قلنا «مش مشكلة.. أهى عيشة وخلاص».. «الميه عكرة وتيجى ساعة وتقطع عشرة»، ملأت الحمام والمطبخ بالجراكن، من «طلمبات» الشارع.. بس قل لى ماذا أفعل وقد عزت أنبوبة البوتاجاز، ووصل الموضوع إلى «الطلاق».. بصراحة «هانت علىّ نفسى وأنا أغادر البيت علشان أنبوبة بوتاجاز.. أنا عرفت إن فيه ناس ماتوا فى طوابير الأنابيب.. بس يمكن أنا أول واحدة هتطّلق من تحت راس أنابيب البوتاجاز»!
لم أنطق بكلمة.. تسارعت الدموع من عين الست وهى تقول «مين يا أستاذ اللى مسؤول فى البلد دى عن أنابيب البوتاجاز.. مين اللى هيكون السبب فى طلاقى وخراب بيتى لسبب تافه.. معقولة دولة كاملة وحكومة وجيش مسؤولين وموظفين مش قادرين يحلوا مشكلة الأنابيب.. أمال الغلابة يعيشوا إزاى.. هيه كانت ناقصة أنابيب كمان...؟!».
انصرفت السيدة وهى تجرجر أبناءها وراءها دون أن تنتظر إجابتى.. ولكنى أيقنت أنها على حق، لأنها تمتلك ذكاءً فطرياً جعلها تحدد المسؤولين فى بداية كلامها.. فالثابت أن الرئيس ورئيس الحكومة وأنا وأنت مسؤولون عن طلاقها.. والسبب «أنبوبة بوتاجاز»!
مصرية- عضو ألفى
-
عدد الرسائل : 1868
العمر : 46
تاريخ التسجيل : 23/12/2007
مصرية- عضو ألفى
-
عدد الرسائل : 1868
العمر : 46
تاريخ التسجيل : 23/12/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى